455

في كتابة “فــي عالم الصيد” بطبعته .. 1973 الأولى الصادرة بالقاهرة سنة تناول فضيلة الإمام الأكبر الأسبق للأزهر الشريف الأستاذ الدكتور أحمد حسن الباقوري .. جانبــا من مرئياته حول طرائف الصيد.. تناول خلالها مشاهداته خلال إحدى رحلاته للسودان.. وما حدث من الأســد شــرطي المرور.. ووصاة صيــاد وما حدث بين أعرابي وكلب.. فمع تلك المرئيــات مع حفظ الحقوق العلمية والأدبية لفضيلته.. يطيب لي أن أبدأ حديث الطرائف هذا بما سمعته أذناي ورأته عيناي ممــــا الخص الحديث عنه في صور ثلاث : إحداها في جنوبي السودان، وثانيتها فــي غابتين في الجمهورية الهندية . وثالثتها في فيلم خاص بصيد النمر شاهدناه في الهند. وقبل أن نأخذ في الحديث عن هذه الصور الثلاث نذكر لك - رحمك الله - أن الحيوان المفترس يفتك بالإنسان حين يضطــره الجوع إلى ذلك، وهو أمر لم تزل سنة الحياة ماضية به. ومنظر الذئــب الجائع يخرج من الغابــة لخطف طفل مــن الطريق أمر غير مستنكر ولا عجيب . وفي أيامنا هذه لم يزل النمر الآكل للبشــر مائلاً في الهند، والأسد المفترس ماثلاً في إفريقيا وهما - كالعهد بها - ماضيان على الطريق نفسها في الفتك بالإنسان. ولقد انقرضت شيئاً فشيئاً الحيوانات الكبيرة الثدييــة على الرغم من قوتها العظيمة ولم تستطع مقاومة القوى الطبيعية التي استطاع الإنسان أن يقهرها باستخدامه ذكاءه، وتنمية قدراته على مواجهة تلك الحيوانات التي كانت تنافسه في السيطرة ، قمت بأولى 1953 لأول ما وليت وزارة الأوقاف في سبتمبر رحلاتي إلى السودان الشقيق، ومعي المرحوم الصاغ صلاح سالم، وأخي الأستاذ جمال السنهوري ، وفريق من الأشقاء السودانيين عسكريين ومدنيين. وقد قضيت في جنوب السودان فترة زرت فيها أكثر محافظات الجنوب. ولم يكن الأزهر الشريف قد تخلى عن صحبتي في كل رحلة قمت بها في آســيا وإفريقيا وأوروبا، فكان حسن الدنكاوي الذي يعتزي إلى قبيلة كبيرة في جنوب السودان والذي كان قد تلقى دروســه في الأزهر يرافقني في هذه الرحلة، ويبذل لي من معرفته بأحوال بلاده وعاداتهم ما كان معواناً لي على أن أبلغ من هذه الرحلة ما أريد . وليس يحتاج إلى تنبيه ما كانت تعج به الغابات في الجنوب من مختلف الوحشيات ، وما كان يتراءاه الســائرون في مختلف طرقها من أحوال الناس هناك في عري كامل ســواء فيه الرجال والنســاء، سائرين فــي الطرقات أو قابعين في الغابات، فإذا جاء الليل اجتمعوا رجالاً ونساء وفتياناً وفتيات يسمرون أو يرقصون في العراء. ولقــد كان مما يثير أشــد العجب أن ترى من نســاء أوروبا وأمريكا كثيرات يعملن متطوعات مع البعثات التبشيرية هناك، فــإذا الواحدة منهن تبدو لك في الطريق وفي كتفها البندقية وفــي يدها الكتاب، وهي منفــردة أحياناً ومع بعض رفقائها أو رفيقاتهــا أحيانــاً ، على الرغم مما يتهدد الســائرين في هذه المواحش من أخطار . وقد كانت الطرق ممهدة تســير في جنوب السودان 18 2023 ) - ابريل 455 العدد ( الجمعيةالكويتيةلحمايةالبيئة طرائفحول الصيد ملف خاص عالم الحيوان

RkJQdWJsaXNoZXIy MTgzNg==