455

بالركب كل مذهب وأزعج في نفوسهم الأمن والســكينة ، لأنهم لم يكونوا قد ألفوا هذا المنظر من قبل، ولا هم كانوا قد توقعوه في هذه الرحلة . ولكن ســائق الســيارة كان أثبت جناناً بمــا كان معــه من طــول التجربة في مثــل هذا الموقف، فلــم يظهر عليه ما يشير إلى أنه خائف أو منزعج . فراح يوجه مصابيح السيارة حول الأسد وهو رابض في مكانه لا يعير هذه المصابيح اهتماما، على شدتها وسرعة حركتها . وأخيراً شــاءت له كبرياؤه أن يحول رأسه ناحية الســيارة في اللحظة التي صادفت فيها عيناه أضواء المصباح، فإذا في كلتا عينيه الشــمس في رائعة النهار، تمام استدارة وقوة إشعاع . ثم تحرك في كبرياء بادية وتثاقل شــديد وزهو لا يبالي شيئاً، متجهاً إلى الغابة حتى إذا جاوز جانب الطريق وقف وكأنه شرطي المرور يأذن للمار أن يسير . واقتنص السائق الفرصة التي سنحت، فاندفع بأقصى سرعة وأشد ضوضاء بسيارته حتى تجاوزه . ثم نظر ركاب الســيارة بعد ذلك إلى وراء فرأوا ملك الغابة وسيد الوحوش يعود إلى ما كان عليه من قبل آخذا الطريق مرة أخرى على المجتازين . لقد كنت وأنا أستمع للزميل الكريم - ولعله الأســتاذ محمد أمين المحامي - أمثل أبيــات المتنبي في أســد نهر الأردن، وأتصور التقاء عيني الأسد بمصباح السيارة فلم أكن أفهم وصف المتنبي في هذا البيت إلا حين رأيت مصباح سيارتنا في عيني أسد الجنوب . على أنه إذا كان أسد الجنوب قد أخلى الطريق للركب يمضى بسلام، فإن أسد الأردن كان شرساً فاتكاً شديد الإضرار بخلق الله. على ما صوره أبو الطيب في قصيدته التي انطوت على قصة خلاصتها: أن قائد جيش شجاعاً يدعى ( بــدر ابن عمار) كان قد هاج أسداً عن بقرة افترسها، فإذا الأسد يثب على كفل فرسه فيعجل ابن عمار عن سل سيفه فيضر به بسوطه، ثم يدور الجيش بالأسد فيقتله. فيقول في هذا المعنى أبــو الطيب قصيدته العصماء التي روينا منها هذه الأبيات . يقول أبو الطيب رحمه الله : أمعفر الليث الهزير بسوطه ًلمن ادخرت الصارم المصقولا وقعت على الأردن منه بلية نــــضدت بها هام الرجال تلولا ورد إذا ورد البحيرة شاربا ورد الـــفرات زئيره والنيل متخضب بدم الفوارس لابس في غيـــــــله من البدتيه فيل ما قوبلت عيناه إلا ظننا تحت الدجى نار الفريق حلولا في وحدة الرهبان إلا أنه لا يعرف التحريم والتحليل يطأ الثرى مترفقاً من تيهه فكأنه آس يحس عليل ویرد عفرته إلى يافوخه حتى تصير لرأسه إكليل 20 2023 ) - ابريل 455 العدد ( الجمعيةالكويتيةلحمايةالبيئة عالم الحيوان ملف خاص

RkJQdWJsaXNoZXIy MTgzNg==