455

فالمناخ، والتركيب الفيزيقي والكيماوى للتربة، والتغيــرات الفصلية في طول النهار، كل هذه أجزاء من بيئة الكائن الحى . والكلمة إذن تعنى كل ما يحيط بالكائن الحي. ليــس ثمة من كائــن يعيش دون بيئة . تشكل الكائنات الحية والبيئات التي تحيابها طبقة فوق سطح الأرض رقيقة للغاية تسمى عادة “المحيط الحيوي”، وفيها ســنجد التعقيــد البالغ للعلاقات الايكولوجيــة يتحدى التحليل العلمي، غير أن التفحص الدقيق سيبين أن ثمة نظاما في المحيط الحيوي يمكن تفهمه وتحديده، وإن كان من الضروري أن نســلم بأن هناك لا يزال طريقا طويلا أمامنا قبل أن نتمكن من صياغة نظريات عامة كتلك المألوفة لدى دارسى الكيمياء والفيزياء والرياضيات . إن الملمح الرئيسي الذي يميز الكائنات الحية عن الأشياء غير الحية هو أنها تتكاثر وتنسخ نفسها. ترتبط الكائنات الحية بالأرض أو بالماء، وهناك أنواع كثيرة تقضى الجزء الأكبر من حياتها فى الهواء، ولكن ليس ثمة ما يقضى حياته بأكملها في الهواء. والواضح أن الأرض تحمل معظم الكائنات المألوفة لدينا – الأشجار والنباتات، والحيوانات التي تتغذى عليها، لكنا جميعا نعرف أن الماء العذب والمالح يقيم أشــكالا مختلفة من حياة النبات والحيوان . صناعة وزراعة كانت أهم واقعة مفردة في الدول الصناعية هــي إدراك وإثبــات أن التلوث الناتج عن الصناعة والزراعة يســبب الأذى للنــاس وللبيئة التي يحيــون بها. ينتج التلوث الصناعي عن مخلفات تصنيع السلع والخدمات، وهى مخلفات يصعب التخلص منهــا، أو أن ذلك على الأقل مكلف. أما التلوث الزراعى فينتج عن تراكم الكيماويات الســامة الناشئة عن مبيدات الآفات والمخصبات، صحيح أن الأخطــار الماثلــة للتلوث قد تكون هي الدافع للوعي الحالي بالايكولوجيا، لكن هذه الأخطار ليست هي الموضوع الأساسي الذي تهتم به الايكولوجيا، إن موضوعها أكبر من هذا بمراحل وأكثر تعقيدا، ولكي نتفهم العلم علينا أن نتخلى عن وجهة النظر الضيقة هذه، برغم شيوعها . إن الموضوع الرئيســي للإيكولوجيا ليس هو الانسان، فالحق أنها تهتم بكل الكائنات الحية. سيهتم معظم الناس لاشك بتضمينات الإيكولوجيا بالنســبة لحياة البشر وهناءتهم ، لكن تفهم الموضوع يتطلــب أن نتخلى عن الاتجاه الذي لا يهمــه إلا البشــر، وأن نتدير بدلا منه العلقات البيئية للحياة برمتها مع البيئة. إننا نأمل أن يقودنا هذا إلى تفهم أفضل واحترام أكثر الحياة النبات والحيوان، وربما ســاعدنا في تفسير السبب فيما نلحظه الآن من غياب الإتزان ما بين الإنسان والبيئة. ذلك قد قدم الكثير عما لم نكن نعرفه فعلا. لقــد غدت الإيكولوجيا في الســنين الأخيرة كلمة مألوفة، وبدأت تتســلل الى المناقشــات حول التطور الإقتصادي والنمو الصناعى ومســتويات المعيشة، لكن ثمة تشوشا فى الكثير من الأحيان، فالكثيرون يتصورون أن الإيكولوجيا هــي كلمة بديلة للتلوث أو المحافظة على الحيوانات النادرة، والبعض الآخر يفهمونها على أنها نوع من المناورات السياسية الموجهة ضد النمو الاقتصادى. وأخيرا فقط ، بدأ عدد كبير من الناس يهتمون بمؤشــرات التضخم الســكانى واســتهلاك المــوارد الطبيعية. ومع هــذا الاهتمام تزايد التعبيــر عما يكتنف المستقبل من مخاطر. ماذا بالضبط قد تسبب في إزكاء هذا الاهتمام؟ ولماذا برزت الإيكولوجيا إلى الصدارة ، وكانت حتى وقت قريب موضوعا مبهما؟ 31 الجمعيةالكويتيةلحمايةالبيئة 2023 ) - ابريل 455 العدد (

RkJQdWJsaXNoZXIy MTgzNg==