460

ولا شــك أن الدين الإســ مي قد اهتم كثيــرا بالبيئة وكل عناصرها بشــكل عام، وتجلى ذلك في كثير من الآيات والأحاديــث الكريمة، وذلك لما له من منفعة وأهمية تخدم الإنسان المسلم وتحقق له التوازن البناء والإيجابي في بيئته، ومن دون ضرر ولا ضرار. الحمى في الإسلام انتشر نظام الحمى (مناطق مخصصة) في شبه الجزيرة العربية في عصر الجاهلية قبل الإسلام وكان يقسم إلى عام وخاص، فجعلت مناطق محددة من الأرض يمنع فيها الرعي، وقطع النباتات، ولا يسمح بغير ذلك إلا في ظروف محددة، مثل اشتداد الجفاف، أو من أجل المصلحة العامة. وكانت معظم مناطق الأحمية موجودة في المنطقتين الغربية والجنوبية الغربية من شبه الجزيرة العربية، أما المناطق الشرقية والوسطى والشمالية فكان لكل قبيلة فيها "ديرتها" – منطقة نفوذها – تعرفها وتعترف بها ســائر القبائــل، وكثيراً مــا كانت مثار وبؤر صراعات قبلية. ولما جاء الإسلام منع الأحمية الشخصية (الاحتكار) الذي يســتأثر فيه الأغنياء والوجهاء بالموارد ويحرمون الفقراء، وأقر مبدأ الحمى من أجل تحقيق المصلحة العامة. ولقد عرف هذا النظام في عهد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، حيث حمى عليه الصلاة والسلام جبلاً فرسخاً من المدينة، 20 بالنقيع على بعد وقال: "هذا حماي"، وأشــار بيده إلى كم مربع، وقد 13 القاع، وهو بمساحة حماه لخيل المسلمين. وحمى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) "السرف" بالقرب من التنعيم لإبل الصدقة ودواب الفقراء، وحمى الربذه أيضاً، كما حرم الإسلام وحماية البيئة النبي عليه الصلاة والسلام ما بين لابتي كم حولها 19 . 5 (حدي) المدينة وجعل حمى. وقال عليه الصلاة والســ م: "المدينة حرم ما بيــن عير إلى ثور". كما قال يــوم فتح مكة: "إن هــذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولا يختلي خلاه، ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف"، فقال العباس: إلا الأذخر. فإنه لابد لهم منه فإنه للقيون (للحدادين) والبيوت، فقال عليه الصلاة والسلام: "إلا الأذخر". وكان الخليل إبراهيم قد حرم مكة، قال رســول الله (صلى الله عليه وسلم): "إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة". وقد ســار من بعد الرسول (صلى الله عليه وسلم) كل من الخليفة الثاني عمر بن الخطاب والخليفة الثالث عثمان بن عفان على نفس المنهج. الماء والكلأ والنار لاشك أن الإسلام قد حض أتباعه على التشارك والتقاسم في موارد الطبيعة، إذ يخاطبهم قائلاً: "المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار". كما يعد حرمان العطشان من الماء إثماً يعاقب عليه: "من منع فضل مائه أو فضل كلئه منعه الله فضله يوم القيامة". والواقع أن موقف رســول الله صلى الله عليه وسلم تجاه الاستعمال الرشيد للأرض والمحافظة على الماء والطريقة التي كان يعامل بها الحيوانات هو دليل واضح آخر على التواضع الذي يصبغ منهجه حول البيئة. وظل الناس حتى عهود متأخرة يطبقون نظام الحمى، حيث أدرك البدو الرحل بســجيتهم وحنكتهم مــدى أهمية بقاء الموارد الطبيعية المتجددة في حياتهم ■ اليومية، فاهتموا بها، بل وحموها. المصادر: - الحيوانات في الاسلام. - الموسوعة الحرة ويكيبيديا. - نبض العلوم والمعرفة. الإسلام قد حض أتباعه على التشارك والتقاسم في موارد الطبيعة پ 37 الجمعيةالكويتيةلحمايةالبيئة 2023 ) - سبتمبر 460 العدد ( BEIA ISSUE 460 August 2023.indd 37 10/17/23 8:21 PM

RkJQdWJsaXNoZXIy MTgzNg==