468

الآثار السلبية لتغير المناخ كشفت هشاشة اقتصادات بعض الدول أمام مواجهة أخطار الكوارث اليــدوى، قد تســببت فى تراكــم انبعاثات كربونية كبيــرة فى الغلاف الجوى، تفوق القدرة الطبيعية للبيئة على تصريفها، مما أدى إلى ظاهرة الاحترار العالمى، أى أن تغير المناخ يرجع فى معظمه إلى ســلوك بشــرى، وليس بسبب دورة طبيعية تحدث كل فتــرة زمنيــة طويلة، كمــا كان ينظر إليه ســابقاً، وتســتحوذ الولايــات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبا الغربية والصين وروســيا علــى النصيب الأكبــر من هذه الانبعاثات، نتيجــة النمو الصناعى الكبير الــذى تحقق منذ الثــورة الصناعية وحتى الآن، ولابد أن نوضح أن تغير المناخ، هو نتيجة انبعــاث مجموعة من الغازات التى تسمى غازات الاحتباس الحرارى، ويمثل الكربــون واحــدا منها، وليس هو الســبب الرئيسى فيها كما يظن البعض، وإنما هناك غــازات أخــرى مثل الميثان تؤثر بشــكل أكثر سوءا على ظاهرة الاحترار العالمى، وينبعث غاز الميثــان من عمليات التمثيل الغذائــى لبعض الحيوانــات والمحاصيل، وهــذا جزء من اهتمــام قطاعات الزراعة والثــروة الحيوانيــة، بسياســات التخفيف للتعامل مع قضايا تغير المناخ. كيــف تؤثــر التغيــرات البيئيــة علــى الاقتصادات المحلية والعالمية؟ يوجد ارتباط وثيــق بين البيئة والتنمية الاقتصاديــة، فعندمــا تكون الممارســات البيئيــة غير مســتدامة ويحــدث التدهور البيئــى، يكــون هنــاك تأثيــر كبيــر على الاقتصاد الذى يعتمد على السلع والخدمات المســتمدة من المــوارد الطبيعيــة، وتوفر المنطقــة العربية مثالاً جيــداً لهذه العلاقة التبادليــة، فتتميز هذه المنطقة بأنها منطقة إيكولوجيــة قاحلة أو شــبه قاحلــة، فريدة وموحدة تمتد على نطاق واسع من المحيط إلــى الخليج، وقد اعتمدت الــدول العربية علــى مواردهــا الطبيعية لتحقيــق التنمية لقــرون عديدة، ثم تغيرت نظرة العالم إلى التنمية واتجه إلى التنمية المســتدامة، التى تأخذ فى الاعتبار حقوق الأجيال المقبلة فى الاستفادة بموارد المجتمع، وعدم استنزافها من جيل على حساب الأجيال التى تليه. في رأيك.. ما أبرز تأثيرات تغير المناخ على التجارة الدولية؟ يؤثــر تغير المناخ على التجارة الدولية بشــكل كبيــر، بصــورة مباشــرة وغيــر مباشــرة، فإذا تحدثنا عن الآثار المباشــرة للتغيــرات المناخية علــى التجارة الدولية، فإنها تتمثل فى أن اختلاف مواسم الأمطار وانتشــار حالات الجفاف وملوحة التربة، سوف تسهم فى تغيير نمط التجارة الدولية من خلال اختلاف المزايا النسبية التقليدية للســلع الزراعية،وبالتالــى يتوقــع أن تفقد الكثير من الدول الزراعية ميزتها النسبية فى التجــارة، نتيجــة انخفــاض الإنتاجية الزراعيــة فيها، وتحول المســتوردين إلى مصادر أخرى، وليســت الســلع الزراعية فقــط هــى المتأثرة بتغيــر المنــاخ، وإنما أيضا الصناعات التحويلية والاستخراجية، نتيجة تأثر الموارد الطبيعية بتغير المناخ، والأكثر من ذلك هو تأثير تغير المناخ على إنتاجيــة العمالة، بســبب ارتفــاع الحرارة وانتشــار الأمراض التى تؤثر على كفاءة العمالــة وبالتالــى التأثيــر المباشــر على تنافسية الدول فى مختلف الصناعات. وبالنســبة للأثــر غيــر المباشــر على التجارة، فهو متمثل فــى اتباع دول العالم إجــراءات وتدابيــر للتعامــل مــع قضايا المناخ، تؤثر بشــكل كبير على نفاذ السلع عبــر الحــدود، ولعــل أهــم هــذه التدابير التــى تواجههــا المنطقــة العربيــة حاليا، هى المعاييــر الأوروبيــة الخاصة بقياس البصمــة الكربونيــة المتضمنة فى الســلع المســتوردة من جانب الاتحاد الأوروبى، وبما أن مصر ودول شــمال إفريقيا تعتمد بشــكل كبيــر علــى الســوق الأوروبيــة، لتصدير منتجات صناعية، فإن الصناعات مرتفعة البصمة الكربونية مثل السيراميك والأســمنت والأســمدة، ســوف تواجــه صعوبات فى دخولهــا الاتحاد الأوروبي، وتحتاج إلى الاســتثمار فــى تكنولوجيات جديدة، لتخفيض البصمة الكربونية لها. كيف يمكن للتكنولوجيا أن تســاعد فى التخفيف من آثار التغير المناخي وتعزيز الاستدامة البيئية؟ التكنولوجيــا مــن الأمــور المهمــة جــدا للتعامــل مع قضايــا المناخ، ســواء بالتخفيــف أم التكيــف، لذلك فإن موضوع نقــل التكنولوجيا، يمثل أهمية كبيرة للدول الناميــة، عمومــا ودول المنطقــة العربية خصوصا، ولعلنا تحدثنا عن التكنولوجيات المطلوبة لتقليل البصمــة الكربونية، التى تســهم فى جهــود التخفيف مــن التغيرات المناخيــة، وكذلــك تكنولوجيــا الطاقــة المتجــددة، وكفاءة الطاقــة وأيضا القطاع الزراعى بحاجة لنقــل تكنولوجيات مهمة جدا، مثل الهندسة الوراثية لاستنبات بذور قادرة على مقاومة الجفاف وملوحة التربة، وقــد أطلــق الأمين العــام للأمــم المتحدة فى شرم الشيخ أطلق 27 مبادرة فى كوب عليها “الإنذار المبكر للجميع”، وهو توفير تكنولوجيا الإنــذار المبكر فى دول العالم، بهــدف توفيــر آلية للإنذار مــن احتمالات الســيول والأعاصيــر وموجــات البرد أو الجفــاف، وغيرها مــن الكــوارث البيئية الناتجة عن التغيــرات المناخية، ويتطلب تنفيذ هذه المبادرة على مستوى العالم مبالغ ضخمة، لكنها ســوف تســاعد فــى إبلاغ المجتمعات، بقرب حدوث كوارث طبيعية مما يساعد فى عمليات الإخلاء قبل تحقق الكارثة. 2024 - مايو 43 - السنة 468 - العدد 27 الجمعية الكويتية لحماية البيئة

RkJQdWJsaXNoZXIy MTgzNg==